المتواجدون الآن

عيد الفطر في عيون شعراء الأندلس

منذ أيام استقبلنا شهر رمضان، وبالأمس ودعناه مرتحلاً عنا، شاهداً لنا أو علينا، وفي صبيحة هذا اليوم الأغر، يوم عيد الفطر المبارك. يومٌ يُظهر فيه المسلمون ذكرَ الله وتعظيمَه والثناءَ عليه، « وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » [البقرة:185].
 
يحتفل المسلمون في مَشارق الأرض ومغاربها في شهر شوال من كل سنة بعيد الفطر المبارك، وقد اهتمَّ مسلمو الأندلس كغيرهم من الشُّعوب الإسلامية بهذا العيد، فاحتفلوا به أيَّما احتفاء، وبما أن الشِّعر ديوان العرب، ومستودع تراثهم وثقافتهم، فلا غَرْوَ أن يطرق أبواب الأندلسيين؛ ليواكب احتفالاتِهم بهذه المناسبة، وليطلعنا على بعض التقاليد والعادات المرتبطة بها، التي من بينها خروجهم في مثل هذه المناسبة لاستطلاع هلال شوال، وقد استغل بعضُ الشعراء ذلك للتغزُّل بمحبوبيهم والموازنة بينهم وبين الهلال، على شاكلة أبي الحسن بن هارون الشنتمري الذي قال:

يَا لَيْلَةَ الْعِيدِ عُدْتِ ثَانِيَـةً
وَعَادَ إِحْسَانُكِ الَّذِي أَذْكُــرْ
يَا لَيْلَةَ الْعِيدِ عُدْتِ ثَانِيَــةً
هِلاَلِكِ النِّضْوِ نَاحِلاً أَصْفَـــرْ
وَفِيهِمُ مَنْ أَحَبَّهُ وَأَنــــــَا
أَنْظُرُهُ فِي السَّمَاءِ إِذْ يُنْظَرْ
فَقُلْتُ لاَ مُؤْمِنًا بِقَوْلِيَ بَلْ
مُعَرِّضًا لِلْكَلاَمِ لاَ أَكْثـــــــَرْ
بَلْ أَثَّرَ الصَّوْمُ فِي هِلاَلِكُمُ
هَذَا الَّذِي لاَ يَكَادُ أَنْ يَظْهَرْ

 فقد ربط الشاعر بين محبوبه وبين الهلال، مُعتبرًا كليهما ناحلاً أصفر من تأثير الصيام.
ويُبيِّن هذا البيت الشعري مدى ابتهاج الأندلسيِّين برؤية هلال الفطر، ويعكس المكانة التي احتلَّها عيد الفطر في نفوسهم؛ لهذا كانوا يحرصون فيه على ارتداء الثياب الجديدة، وهو ما تُصوِّره لنا أبيات شعرية لأبي إسحاق الإلبيري يُعرِّض فيها برجل رآه يوم عيد الفطر يجر ثيابه الجديدة مزهُوًّا مختالاً:

مَا عِيدُكَ الْفَخْمُ إِلاَّ يَوْمَ يَغْفِرُ لَكْ
لاَ أَنْ تَجُــــرَّ بِهِ مُسْتَكْــــــبِرًا حُلَلَــكْ
كَمْ مِنْ جَدِيدِ ثِيَابٍ دِينُهُ خَلِـــــقٌ
تَكَادُ تَلْعَنُهُ الْأَقْطَــــارُ حَيْثُ ســــــلَكْ
وَكَمْ مُرَقَّعِ أَطْمَــــارٍ جَدِيدِ تُقــًى
بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَـا وَالْأَرْضُ حِينَ هَلَكْ
 
فالشاعر يرى أن العيد الحقيقي يوم يغفر للإنسان، فيكسب حياته الأخرى، لا أن يلبس الثِّياب الجديدة ويختال بها وهو متغافل عن أمور دينه. فالشاعر يرى أن العيد الحقيقي يوم يغفر للإنسان، فيكسب حياته الأخرى، لا أن يلبس الثِّياب الجديدة ويختال بها وهو متغافل عن أمور دينه.
فكل عام وأنتم بخير


Google Ads

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Powered by Blogger